الأربعاء، 30 أكتوبر 2019

عزيزي الغضب






   .This guest post is written by my poet friend Ghada Khalifa
غادة خليفة عبد العال تشكيلية وشاعرة مصرية صدر لها: ديوان تقفز من سحابة لأخرى - 2009 - دار فكرة ديوان تسكب جمالها دون طائل - 2011 - شرقيات والمورد الثقافي ديوان نسيج يستيقظ - 2015 - الهيئة العامة للكتاب









عزيزي الغضب:
أهلًا بك في حياتي مرةً أخرى، هل أزعجتُ نومَكَ؟


حينَ تنامُ تعتلُّ حياتي
أحتاجُ إليكَ يقظًا معي.
متى ظهرتَ في حياتي؟!
ماتت جدتي وأنا في الثامنة، لم يخبرني أحدٌ ما هو الموت؟ أو أين ذهبت جدتي؟
أنتَ كنت هناك، رجلًا كبيرًا في سن أبي، ملامحُكَ حادةٌ، عيناك واسعتان وحاجباك كثيفان وملتصقان تقريبًا. جسدُكَ مفتولٌ، أنفك ضخمٌ وبشرتُكَ داكنة.
لم تكن تبتسم لذلك خفتُ منكَ، واخترتُ أن أتجاهلكَ. صوتكَ كان عاليًا جدًا وأنا أصرُّ على أنك خيال، مجرد خيال إذا تجاهلتُه سيختفي. أنتَ تكورتَ داخل رأسي، على هيئة صداع نصفي لا يمكن محوه إلا بإفراغ كل ما بداخلي. كل شيء يندفع من فمي حتى يصل جسدي إلى الموت/النوم. ثم أستيقظ بجسدٍ ضعيف ومنهك لكنه خالٍ منكَ.

تجاهلتُ وجودك مرة أخرى حين انتهكتني أمي بعد حادثة تحرشٍ بسيطة، كلامُك كان قاطعًا ووجهك أحمر، صوتُك يعلو على صراخ أمي ويحتلُّ الغرفة.
أنتَ كنتَ هناك حين أغلق أخي الباب بالمفتاح كي يمنعَني من الخروج عنوةً، فتحتَ معي الشباك وصرخت على الجيران، صنعنا معًا فَضِيحةً صغيرة أنقذتني من سطوة أخي.
يا غضبي الأقوى، أذكر التصاقك بي حين سحلتني أمي من شعري على السُّلم، أنت دعمتني وذهبنا معًا إلى المكتبة دون خوف.
أعتذر يا حبيبي، كنتُ أتهمُكَ بإفسادِ أنوثتي واركض بعيدًا، مع ذلك جئتَ معي إلى المأذون واحتضنتني هناك.
أنتَ تحبُني وتحميني، أعرفُ ذلكَ الآن.
الآن تبتسمُ لأنك أخيرًا صرت محبوبًا ومقبولًا.
أيها الغضب المعلمُ والحامِ، اسمح لي أن ألتئمَ بكَ، أنت يا جمالي المُّدخر الغائب.
يا كتلة الشمس الأبهى، ضُمَّني إلى دفئكِ الآن.
.....
غادة خليفة
setelhosn.blogspot.com

Photo also by Ghada Khalifa   

المكان الآمن





This guest post is written by my dear friend Yasmin Adel who defines her self as follows:


امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفَنّ بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.



 (المكان الآمن)

(1)
أسير للأمام.. هكذا أنا دومًا لا أجرؤ على النظر خلفي، أعرف أن ورائي بحرًا هائجًا، يصلني صوت ارتطام أمواجه بالصخور. أتحرك ببطء كما لو أنني لا اهتم، لكني من داخلي أشعر بالخوف، والرغبة بالركض كما لو أن البحر سيتجسَّد وحشًا عملاقًا يُفاجئني ويلتهمني.
ها أنا تفصلني بضع خطوات عن بوابة خشبية ضخمة، لا أدري سببًا لوجودها على الشاطيء، وفيما أتجه إليها أُخبر نفسي أن ما يقبع خلفها لن يكن أسوأ مما مررت به بالفعل.

(2)
أُطرق الأبواب وحين لا يُجيبني أحد أدفعها بكامل قوتي تصحبُني توقعات شبه مُنعدمة ولا مُبالاة لا أعرف إن كنت أصطنعها أم لا! يُصدر الباب صريرًا حادًا كما لو كان لم يُفتح منذ الأزل. أُفاجأ بحديقة غَنّاء لا تَحوي سوى زهورًا بيضاء برائحة الفُل، وأخرى وردية لها عبير الورد البلدي في أوجّ تفتحه.
تلتقط عيناي ممرًا ضيقًا بين الزهور، أذهب إلى هناك، في طريقي أتلمَّس وريقات الزهور المُبللة بالندى، يعجبني ملمسها ويشعرني بالحياة. وفي بقعة ملساء إلا من بعض الوريقات الصغيرة المنثورة أفترش الأرض، تُحيطني الزهور وتُخفيني عن العالم كما لو كانت تحتضني أو تحميني!

(3)
يتناهى إلى مسامعي صوت رفرفة أجنحة الفراشات بينما ترتطم بذرات الهواء تارة والنباتات تارة أخرى. تتفتَّح حواسي مُجتمعةً صوتًا وصورة رُبما للمرة الأولى بحياتي، فتغمرني حالة من السكينة، أنا هنا آمنة تمامًا، فما من أحد يراني أو يُطالبني برؤيته.
أتمدد على ظهري مُتطلعةً نحو السماء الصافية شديدة الزرقة، ابتسم إلى نفسي أو ربما إلى الله.. هل يُمكنني البقاء هنا للأبد؟ هكذا أتساءل قبل أن أغفو لوقت لا أعلم قدره بل ولا أهتم! تُرى هل أصاب ساعة الرمل الكامنة داخلي -طوال الوقت- عطبٌ ما؟

(4)
مع بشاير الصباح تجتاحني شجاعة لا أعرف مصدرها، تملؤني بالرغبة في العودة إلى البحر من جديد، الفارق أنني لم أعد خائفة من شيء. أسير مبتسمةً ومطمئنة نحو بوابة الحديقة، أُغلقها خلفي لكنها لا تُصدر صريرًا هذه المرة.
لا أندهش، ازداد ابتسامًا، وإذا بالبحر هادئًا وقد تحول لونه الرمادي الداكن المعتاد إلى درجات فيروزية مُدهشة. أُكمل السير نحوه، فيما أتجرد من حذائي، تشُّق الرمال الناعمة الباردة طريقها إلى قدماي، ألمس الماء على استحياء ومع انسيابي نحو الأعماق أُقرر التخلُّص من ملابسي.

(5)
أتخفف مما أرتدي قطعة فقطعة حتي أصبح عاريةً تمامًا، يتغلغل الماء بمختلف فجوات جسدي وبين ثناياي، حتى ترهلات بطني الناتجة عن الحمل والولادة. لأول مرة لا تُزعجني الترهلات، إنما أراها كإحدى معالم أنوثتي وشاهدًا على معاركي الخاصة.
 وما إن ينساب شعري حالك السواد على كتفاي حتى أستلقي على ظهري وأترك نفسي للموج يفعل بي ما يشاء، كما يليق بامرأة عرفت للتو مذاق الحرية.

21-9-2019
ياسمين عادل

الأحد، 27 أكتوبر 2019

رسالة من المستقبل

This guest blog is written by my friend Noha Ibrahim.  It is a letter written by her future self....





 عزيزتي نهى :

أرسل إليكِ من عام ٢٠٢٩ .. أنا نهى "ذاتك" .. لقد استغرقني الأمر عشر سنوات كاملة حتى أستطيع أن أكتب إليكِ .. فلم يكن الأمر سهلا في كل الأوقات .. بل كان صعبًا في بعض الأحيان .. قاسيًا في أحيانٍ أخرى .. ولكن رائعًا في نهاية الأمر .. عبرت الكثير من الألم .. كانت التجربة أشبه بطريقة طهي طعامٍ حار .. البصل يتطلب المزيد من الدموع الساخنة حتى يُقطّع إلى قطعٍ صغيرة شهية .. ومن هنا نحتاج إلى كمية وفيرة من قلوب الطماطم المعصورة والمصفاة لآخر قطرة .. عزيزتي .. تلك القلوب قد تبدو قوية ذات قوام متماسك ولكن تستطيع الأنامل القاسية أن تعصرها دونما أي إحساسٍ بوخز الضمير .. فهي يا عزيزتي مجرد طماطم شهية ..!
أتذكر قول أحدهم لي عما أسماه بنظرية " الماء العذب " فهو يرى أن الماء لابد أن يمر بعمليات التكرير والتصفية والتنقية والتقطير وكل ذلك كي يصبح عذبًا .. فالعذوبة نتيجة للعذاب إلى حد كبير .. لابد لنا أن نتعذب في حياتنا حتى نستوعب الدرس في النهاية فتصبح أرواحنا "عذبة" نقية كذلك الماء .. على كل حال إنكِ على الأرجح لن تصدقي تلك الترهات .. عزيزتي .. هي تجربتكِ وعليكِ اجتيازها بحرية تامة .. لا تضعي كلامي نصب عينيكِ فأنا غيركِ وأنتِ غيري ..

إلى هنا تصبح الأكلة باللون الأحمر بفضل القلوب المعصورة .. واللون الأحمر يا حلوتي هو لون الحياة بكل ما بها .. هو لون الفرح ولون الدماء .. لون الورد ولون الثورة .. لون البكارة وخجل العذارى .. لون شفاه العروس وشفاه المومس دون تفرقة .. لون البهجة والأطفال وبالونات العيد .. ولون الرغبة والاشتعال والوهج دون تقييد .. الأحمر .. آه .. لابد من الأحمر ..

"طُز" .. نعم يا صغيرتي "طز" فالملح باللغة التركية القديمة يعني طز وقديما وقت الاحتلال العثماني كان مُعفى من الجمارك غالبا لرخص ثمنه _ شأن كل الأشياء الحقيقية والهامة في الحياة _ فكان التجار حين يمرون على جباة الجمارك يصرخون بصوت عالي : إنه طز ! حتى يمروا دون رسوم .. ورغم ذلك تتطلب الحياة دائما قليلًا من " طُز " حتى نتقبل مذاقها ..

وفي نهاية الأمر لا ننسى قرون الفلفل الحار التي لا غنى عنها وعلى الرغم من الحذر إلا أن الفلفل الحار لابد أن يتسلل بعبقرية لا مثيل لها ليزكم أنوفنا برائحته الأخاذة فنَتِيهُ سُكْرًا وعربدة ولا نكترث لخداعه الماكر ولا نشعر إلا ونحن وسط أنفاسٍ من اللهب وقلب يحترق .. ! ولكن هي الحياة يا جميلتي .. عناء وشقاء .. عذاب خلاق مبدع .. ذلك المزيج الرائع بين الشغف والسأم .. بين النشوة والألم .. بين الواقع والحلم .. هو ما يجعلنا نحيا .. نحيا .. ونحيا ..

أتذكر أنكِ كنتِ دومًا تحبين لصق "الوشم" بين الحين والآخر .. كنتِ تفضلين " وشم " الريشة .. أنا أيضًا لازلت أضعها في مكاني المفضل وأنا أتذكر أغنية قديمة " الدنيا ريشة في هوا " .. يا ريشتي .. بعد عشر سنوات إذا لم يكن بجانبِك شخص رائع حنون الصوت .. مخترق النظرات .. دافئ الأحضان .. يساعدكِ في فرد ثنايا وتجاعيد جسدك المنهك كي تضعي ريشتكِ المفضلة لا تقلقي وتذكري أني هنا دائما .. معكِ ..

المكان الأمن



المكان الأمن




This post is written by my sweet friend Marwa ElGemizy.    Marwa is a graduate of the faculty of Arts, Ain Shams University.  Since 2004, she has tried her hand successfully at different positions as a Vodafone Customer Service agent, cultural specialist, ending as a project manager in the strategy team. She then worked as a Human Resources Manager in an economic magazine and currently, she is a projects Manager at Dawar. 



فى احد تدريبات ورشة السايكودراما بقفل عينيا على صوت سحر و هي بتشرحلنا ازاي بنشوف المكان الامن , ازاي بنفتش عليه جوانا علشان يطلع للنور و ازاى نتخيله لو مش موجود فى حياتنا و لو موجود ازاي يظهر بتفاصيل اكثر وضوح بتفاصيل محببة يمكن فى الواقع مش بناخد بالنا منها , بنقفل عيونا و صوتها الهادي اللي بيوصلنا بسلام للنقطة اللي بنحس بيها بالامان و نختار الارض اللي هنقعد و نرتاح فيها شوية بعد رحلة من التدريبات.... بنوصل المكان الامن و بتسيبنا بهدوء و امان ل رحلة الاكتشاف الجديدة للمكان الامن .
اللحظة اللي قفلت فيها عيني و استمعت بعناية و دقة للارشادات التعريفية عن ايه المكان الامن زي ركاب الطيارة اللي بيسمعوا ارشادات السلامة و الامان للسفر بخطوط طيران خمس نجوم , بيكتشفوا فجاة و هما على باب الطيارة ان عندهم رهاب من الطيران و المرتفعات و مفيش مجال للرجعة ... بيسافروا لاول مرة طيران لاء و مش كده و بس مسافرة لوحدي مسافرة لمكان معرفوش و اللي مكنتش اعرف انه جوايا و ان ليه وجود اصلا ( مصطلح مكان امن فى حد ذاته شيء غريب جدا بالنسبالي هل فعلا فى مكان ممكن يكون امن؟ هل اقدر اكون فيه على طبيعتي؟ لوحدى؟ طب اقدر اعزم حد؟ طب اقدرمنه اطرد حد؟ ) اللحظة دي انفصلت تماما عن زمايلي و عن القاعة و نفسي و عن كل الافكار اللي كانت فى دماغي من اول اليوم الاسئلة اللى كانت بتدور جوايا عن الورشة و النشاطات اللي فيها هل هقدر افهم؟ هل هعرف افصل بين شغلي و بين مشاركتي فيها؟ هل انا كفء ليها من الاصل؟ ايه اللي هتعلمه و الناس دي بتقول ايه اصلا؟ هل هيتقبلوني؟ اسئلة كتيرة و سخيفة و عرفت بعدين ان ملهاش اى معنى غير انها توترني و تشتت تفكيري عن الهدف اللاساسي اللي انا جاية هنا مخصوص علشانه و اللي لو كان ده مش قدرى مكنتش هوصل ليه من الاساس ...
 قفلت عيني و فصلت نفسي و ركزت اقصد وصلت...





عينيا بتشوف بهدوء شديد ضوء شمسي خافت فى السما بيغطيه اغصان شجر كتير و كثيف جدا بتحجب اشعة الشمس بلطف من انها تزعج عيني, من مكاني ده اقدر اقول انى مستلقية على ضهرى على الارض و مرتاحة, بفتح عيوني بشويش زي الطفلة اللى عندها فضول تشوف الدنيا بعد نوم و ثبات طويل و لكن بحذر و حرص و جايز شوية خوف. اغصان الشجر بتتحرك اكتر و اسرع و ضوء الشمس بشوفه بوضوح اكتر يمكن السبب نسمة الهوا اللى عدت؟ ايوا انا حسيت بيها نسمة هوا ساقعة لطيفة قشعرت جسمي بلطف عدت عليا بهوا منعش خلاني افوق و انتعش شوية نسمة هوا شايلة روايح من الجنة خليط من المانجو و الليمون و البرتقال و هى معدية قطفت روايح الورد و العشب الاخضر و الندى اخدت نفس عميق و استمعت بكل الروايح دي و السمفونية الهادية اللي عزفتها جوه صدرى كان كل عطر و كل ريحة منهم الة موسيقية بتعزف مرة منفردة و مرة فى مجموعات منسجمين متدربين من غير نشاز
السيمفونية دى كملت بصوت الشجر و هو بيوشوش بعضه بيحكوا عن اللي حصل دلوقتي بيرحب بوجودى فى المكان الامن بيحكيلي عنهم و انهم كانوا مستنيني من زمان و ان المكان بيجهز كل يوم علشان اجى اهرب فيه شوية و يتونس بيا و اتونس بيهم علشان اغسل فيه كل حاجة واجعاني و الماني علشان اغير فيه توب القلق و التوتر و الحزن و الاجهاد و البس توب جديد ابيض واسع ناعم طويل اوى توب حر.
سمعت من بعيد اصوات مكنتش عارفة اميزها فى الاول ... ابتديت اقوم براحة الف فى المكان و اكتشفه
سمعت اصوات حيوانات بتغني و بتتكلم و بتنادي علي بعضها صوت عصافير فى الاول بيعلي مع كل هزة ريح للشجر صوتها بيحاول يغطي علي وشوشة الشجر لبعضه صوت قرود بتضحك بصوت عالي محبب جدا صوت افيال بتطلق نفير يمكن احتفالا بوجودى , بلف لفة صغيرة حوالين نفسي و بضحك
لما دخلت شوية جوه المكان اكتشفت انه غابة ... غابة استوائية كبيرة او يمكن غابة فى جزيرة؟ مش عارفة
تعمقت اكتر و استبينت ملامح المكان اكتر و اكتر شفت كل الالوان اللى ممكن تخطر عل بال شفت درجات الاخضر من الداكن اوى للفاتح جدا للمائل للاصفر شفت الاصفر و البرتقالي شفته فى الورد و الفاكهه و الطيور شفت البني و الرمادي فى جذوع الشجر الضخم العالي شجر قديم عتيق جذوعه متينة و جذوره فى الارض على مرمى الشوف شجر قوي شامخ حنون بيضلل على كل اللي فى المكان.





بكمل مشي بسمع اصوات تانية مختلفة صوت ضحكات صغيرة متقطعة سريعة زي ما تكون بتجري بتنهج بجرى بسرعة علشان اشوفها بيطلعلي اطفال صغيرة فى منتهي البراءة و الجمال اطفال شديدة الحسن . بيجروا عليا و يحضنوني حضن دافي طويل بيشدوني العب معاهم بجرى و العب و اتنطط و صوت ضحكنا بيعلى و بيعلى بيحاول يغطي علي صوت الشجر و هو بيتوشوش و بيحكي لبعضه عن المشهد , صوت مياه بتجرى من بعيد بمشي وراه علشان اشرب ... عطشانة


بس قبل ما امشي بوست الاطفال اودعهم وداع ناعم ممتزج بحزن و تقل خايفة من الفراق يا ترى هشوفهم تاني؟ يا ترى حبوني زي ما حبيتهم؟ ضربات قلبي بتزيد و صوت دقاتها بيعلى و بينضم للسيمفونية اللي موقفتش و لا للحظة فى الخلفية. ببوس الاطفال و بوعدهم انى راجعالهم تاني قريب.
جدول مياه شفافة نازل من فوق بدوقها مياه عذبة جدا و حلوة جدا جدا بشرب منها لحد ما ارتويت و اغتسلت بيها و كانى بغسل بيها كل تقل كان على دماغي و اكتافي و كان المياه بتحررنى من قيود و حبال كنت رابطة نفسي بيها حبال وهمية ملهاش وجود ...
من بعيد فى كوخ هناك فوق هناك فوق شجرة ضخمة جدا حواليها باقي الاشجار و النخل اصغر بكتير بمشي بهدوء لهناك ده بيتي؟ كوخ حيطانه من جذوع الشجر و سقفه من سعف النخل و ارضيته بلاط موزايك لونه ازرق فاقع لون عمق البحر متعلق على الحيطان براويز خشب مدهونة ابيض بس البراويز فاضية !!
الكوخ بتاعي عالي اوى و واسع و كبير ليه تراس بدرابزين خشب معوج بيطل عل محيط صوت الامواج بتضرب الرمل على الشط ... لا مش بتضرب ... بتداعب بتزغزغ بتلاغيها علشان تضحك . يضحك الرمل و تضحك الموج و ابتسم انا.
واقفة فوق فى التراس فى الكوخ بتاعي بتفرج ... الهوا لطيف ريحته يود و عشب و فاكهة اغلبها من الموالح نخل طويل عالي عل شط بالوانه الاخضر و البني و حبات ال coconut  ... واللي من ريحتها و شكلها اقدر اقول ان طعمها حلو جدا, واقفة بتابع المحيط و هو بيكر و يفر من الرمل الاغصان و هى بتتوشوش ريحة المحيط و الفواكهة      والاهم واقفة لوحدي...
مفيش اطفال بتجرى و بتلعب , وحشوني جدا و عاوزة ارجعلهم , بس الاطفال فى اللحظة دي مش هنا انا بس اللي موجودة لوحدي المكان ده بتاعي انا و بس مش هاخد بالي من حد غير نفسي هستمتع بيه ليا انا الاصوات دي علشاني انا و بس المحيط بيبتسملي لوحدي وانا بردله الابتسامة .
برسم ابتسامة راحة على وشي
برسم ملامح رضا على وشي
بتنفس نفس واعى فى صدرى و بيملا كرشي.
بخرج من جوه جسمى بهدوء و كانى طيف طاير بيتفرج عليا من بره طيف بيراقبني و انا براقب المشهد بتفرج علي نفسي من فوق بشوفني ساكنة هادية مرتاحة , بحس بجسمي بيكلمنى بيقولي برافوعليكي يا مروى الله ينور... بحس بعقلي مرتاح و بيتنفس لاول مرة , بقفل عيني شوية علشان احفظ الصورة دي جوايا و متضيعش مني تاني.
صورة حلوة اوى ... صورة مريحة اوى
بفتح عيني من تاني على شكل جسمى و هو واقف فى التراس ( تراس الكوخ بتاعي فى المكان الامن ) بتفرج علي شكلي و انا هادية و مرتاحة بشوف ابتسامتي بقع فى حبها ... الله !! دي حلوة اوى
شعري بيطير... بني كستنائي مموج فيه خصلات صفرا فاتحة اشعث ثائر مش مترتب بيهرب من مكانه و بيغيره مع كل نسمة هوا بتعدي حواليه حتى جسمي حاسة انى بشوفه لاول مرة شايفاه ممشوق مرتاح متناسق شكله عاجبني اوى مش بكرهه زى الاول بالعكس, جسم انثي جميلة جسم كامل الانوثة متناسق مليان اثارة فى كل ثنية من ثنياتة و منحنياته عليه فستاني الابيض الخفيف الحر فستان يشبه فساتين الملكات فى اساطير الاغريق عليه اكسسوارات من الدهب و تاج على شكل ورق الشجر من الدهب و الفيروز
بطير حوالين جسمي مرتين علشان احفظه احبه اكتر اتواصل معاه اهنيه على جماله و قوته
صوت سحر من بعيد بينادي بيهيئنا للرجوع...
بدخل جوه جسمي من تاني و باخد نفس واعي ترحيبا لرجوعي جواه و احتفاءا لكل لحظه حلوة شفتها و حسيتها و شميت ريحتها بلف بنظرى فى المكان بنظرة امتنان لاستضافته الكريمة ليا و بودعه على ان يكون لنا عدة لقاءات ابدية بلا حدود...
برجع تاني للواقع علي صوت ارشادات الامان و السلامة و لكن المرة دي تختلف.
نرجع بوعينا بهدوء للمكان و نحس بجسمنا نفتح عينيا براحة و اللي وشه فى الضوء يغطي عينيه اللي نايم يقوم لما يحس انه مستعد ابتدى اقوم بهدوء على جنبي و اخر حاجة ارفعها هى راسي و ...
ناخد نفس و نرجع لدايرتنا من تاني.



مروى الجميزي