الخميس، 27 نوفمبر 2014

المترجمة 5






   أما ذلك السائل المتذبذب صعوداً و هبوطاً داخل بلورة الالم فى حركة تحاكى حركة الزيت فقد هيأها نفسياً لتلقى سؤال "راى" الذى ترقبته طويلا عن طارق. "هو ابن عمتى" أجابت،  "ولكنى قضيت سبع سنوات من عمرى دون أن اقابله ، فأنت تعلم أنى وُلِدتُ هنا و لم تعد عائلتى إلى بلادنا إلا بعد بلوغى السابعة". 

كانا يجلسان معاً على مقعد فى غرفة تملؤها نباتات الصبار بمختلف أشكالها و أطوالها مصطفة مثل طوابير من كائنات غريبة عن كوكبنا، مخلوقات ترتدي اللون الأخضر بشتى درجاته و ظلاله، تحيطها الرمال من كل جانب. تقف جميعها منتبهة، منصتة لحديثهما. كل شئ فى الغرفة يحاكى الصحراء، حتى الضوء بدا مختلفا كأنما صنع خصيصا ليعطى إيحاءً بجو الصحراء المائل للصفرة.

الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

المترجمة 4






المقاعد ... تلك المقاعد المعدنية البيضاء التي يحمل كل واحد منها لافتة صغيرة تخليداً لذكرى هذا أو ذاك. لا يخلو مقعد واحد من هذه اللوحات الصغيرة محفورا عليها أسماء من رحلوا عن عالمنا. كأنما يتعين على المرء أن يموت ليجلس الآخرون في الحدائق الشتوية...’نعم، على الناس أن يموتوا‘ هذا هو ما جال بخاطرها ... باغتتها العلامة غير المرئية التي تحملها بين ثناياها بحركة مفاجئة، كأنما تريد أن تعلن له عن وجودها. تلك العلامة تقبع داخلها، مغطاة عن عينى "راى" تماما مثل شعرها وبشرة ذراعيها، الجميع مختف تحت الحجاب. يمكنه فقط أن يتخيلها. تلك العلامة التي تشبه قطعة من الكريستال الشفاف صنعتها الأحزان منذ أربعة أعوام. نعم، تبلورت أحزانها في شكل قطعة من الماس، اتخذت نفس التكوين ذو الأربعة زوايا وأحاطت بها. اتخذت الزوايا أوضاعها: واحدة فوق الجبين، اثنتين على كتفيها والأخيرة أعلى معدتها. أدركت من الوهلة الأولى أنها علامة شفافة تحوي سائلا يشبه الزئبق ما يفتأ ان يتحرك صعودا وهبوطا كلما تحركت هي. هذا الشكل الماسي له منطقه المقبول على اية حال...هي تدرك أنه استقرأ ما أحست هي به في ذلك الوقت: فجبينها كان يؤلمها كلما بكت، ولاسيما هذان الفراغان المختبئان خلف مقلتيها، أما كتفيها فقد أنّا من ألم الانحناء حتى يتمكنا من احتواء قلبها الجريح، بينما نبع الألم المبرح من فوق معدتها.


This piece is edited by Ahmed Zahran

السبت، 22 نوفمبر 2014

المترجمة 3











على باب الحديقة الشتويه – دفيئةٌ زجاجيةٌ كبيرة داخل حديقة "روثى" العامة - إصطفت العديد من العلامات الإرشادية.  عفواً، ممنوع دخول عربات الأطفال و الكراسى المدفوعة باليد ؛ نأسف، غير مسموح بدخول الكلاب؛ عذراً، مواعيد العمل من التاسعة و النصف حتى وقت الغروب . تعودت هى على التعليمات الواضحة فى هذا البلد فهم يعرِّفون كلَ شئ، كلُ شئ ٍيحمل إسماً صريحاً و يتبع نظاماً صارماً. ما عادت تضايقها المباشرة و الوضوح و القواعد المهذبة و اللافتات التى تعج بها الأماكن.




فى تمام  التاسعة والنصف عندما دخلا معاً، هى و "راى ايسلس" ، كانت الحديقة الشتوية خالية إلا من بستانى  واحد يدفع عربة يدوية صغيرة عبر الممرالضيق ذو الشقوق. على جانبى الممر إزدحمت أنواع من النباتات الإستوائية فى الدفيئة الرطبة بينما سبحت أسماك ذات لون برتقالى فى المياه الجارية و غردت الطيورالمحلقة . هكذا بدت السماء الرمادية كخلفية غير مناسبة على الإطلاق لهذه اللوحة النابضة بالألوان تحت السقف الزجاجى. 

الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

المترجمة 2








عندما كسى الضباب المدينة بالسواد فى العام الماضى إختبأت فى المنزل أربعة أيام تقتات كل ما تبقى من طعام حتى جدبت خزانة مطبخها لآخر كيس من المكرونة، تجرعت شايها بدون حليب على عكس عادتها.  و فى اليوم الخامس بعدما إنقشع الضباب خرجت  و رأسها تدور من شدة الجوع  تنقب عن الطعام فى المتاجر و تعييها المحاولة.

ولكن حلم سمر كان مضللاً، فلم تكن هناك أمطار حين استيقظت من نومها، فقط كانت السماء رمادية اللون، تلك الدرجة من الرمادى التى تختص بها اسكتلندة عندما تغلفها غشاوة الغيوم الوافدة من بحر الشمال.  نعم كان الحلم خادعاً فقد خرجت سمر بالفعل لتقابل "راى أيسلس" كما رتبا من قبل، خرجت متشبثة بملفها الأزرق الذى يحوى ترجمتها لمانفستو النداء.



الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

المترجمة

 

حلمت أن المطر هطل غزيراً وأنها لم تتمكن من مقابلته كما رتبت مسبقاً. لم تستطع السير تحت المطر الذى يتحداها بعدوانية، و تخاطر بأن تبتل الأوراق و يسيل الحبر على الصفحات التى ترجمتها من أجله. سيطر على حلمها إحساسٌ قابضٌ بالقلق كونها تركته ينتظر قدومها دون فائدة، إحساس ملح مفعمٌ بالشجن و الحسرة.  هى تخشى المطر، تخاف ضباب و ثلوج هذا البلد، ترتعب حتى من الرياح.  تبقى حبيسة المنزل فى مثل هذه الأوقات و تنتظر، تراقب الأخرين من وراء النافذة وهم يمارسون مالا تتجرأ هى على فعله:  تراقب الأطفال فى طريقهم للمدارس يخوضون عبر دوامات من أوراق الأشجار المتساقطة. تشاهد كبار السن وهم يحطمون فى مرح الثلوج على الأرصفة مستخدمين العصي التى يستعينون بها للمشى. تراقب من وراء النافذة و تحسدهم جميعاً. هم حتماً يمتلكون قوى خارقة للعادة، هم عمالقة لا يخضعون لقوى الطبيعة و لا يسمحون لها أن تعرقل طريقهم أو تعترض ممارستهم اليومية للحياة.

البقيه غداً

I translated this opening paragraph from Leila Aboulela's novel The Translator.  She is a Sudanese writer who lives in England . She wrote Colored Lights, a collection of stories, and the celebrated novel The Minaret. Her last novel is Lyrics Alley.   The Translator is her first novel and was long-listed for the Orange Prize and the the IMPAC Dublin award, and was short listed for the Saltire Society First Book of the Year Award.  

Heartless



Picture
I am heartless. My sister's voice, shocked and tearful, tells me our father is ill, seriously ill. I hurry from the phone to my room to check my wardrobe. I look for something black, something that will look elegant and flattering on my saggy body.  I am heartless. I remember Father's kind face; I feel his hand holding mine as he led me encouragingly into the sea when I was four.  “We will have fun,” he promised. “I will carry you if you want. Just don’t be afraid. Nothing can hurt as long as I am here with you.”  I was such a cowardly child. I was afraid of water, afraid of loud voices, afraid of losing Father.  I had a recurrent dream that my father had died; I had it throughout my childhood. I would wake up shivering and crying. Mother always said it meant that Father would live to be one hundred. When you dream someone is dead it means they will have a long life, she said each time. And I believed it. A world without him could not be real.  But Father is not one hundred yet. He is not even near that. Maybe I will have to forget about the black dress for a while. For ten years, maybe?  Or just five… a couple of years will do… or just a few more months. Who knows?  Maybe he will take me to my grave, the same tender way he took me everywhere… the same loving hand holding mine, the same tired eyes when he stayed up all night to keep me company as I studied, the same smile as he held my babies the moment they came out of my womb. Father was always there, will always be here, for me, for all of us.  I never told Father how much I love him. See how heartless I am?