الأحد، 27 أكتوبر 2019

المكان الأمن



المكان الأمن




This post is written by my sweet friend Marwa ElGemizy.    Marwa is a graduate of the faculty of Arts, Ain Shams University.  Since 2004, she has tried her hand successfully at different positions as a Vodafone Customer Service agent, cultural specialist, ending as a project manager in the strategy team. She then worked as a Human Resources Manager in an economic magazine and currently, she is a projects Manager at Dawar. 



فى احد تدريبات ورشة السايكودراما بقفل عينيا على صوت سحر و هي بتشرحلنا ازاي بنشوف المكان الامن , ازاي بنفتش عليه جوانا علشان يطلع للنور و ازاى نتخيله لو مش موجود فى حياتنا و لو موجود ازاي يظهر بتفاصيل اكثر وضوح بتفاصيل محببة يمكن فى الواقع مش بناخد بالنا منها , بنقفل عيونا و صوتها الهادي اللي بيوصلنا بسلام للنقطة اللي بنحس بيها بالامان و نختار الارض اللي هنقعد و نرتاح فيها شوية بعد رحلة من التدريبات.... بنوصل المكان الامن و بتسيبنا بهدوء و امان ل رحلة الاكتشاف الجديدة للمكان الامن .
اللحظة اللي قفلت فيها عيني و استمعت بعناية و دقة للارشادات التعريفية عن ايه المكان الامن زي ركاب الطيارة اللي بيسمعوا ارشادات السلامة و الامان للسفر بخطوط طيران خمس نجوم , بيكتشفوا فجاة و هما على باب الطيارة ان عندهم رهاب من الطيران و المرتفعات و مفيش مجال للرجعة ... بيسافروا لاول مرة طيران لاء و مش كده و بس مسافرة لوحدي مسافرة لمكان معرفوش و اللي مكنتش اعرف انه جوايا و ان ليه وجود اصلا ( مصطلح مكان امن فى حد ذاته شيء غريب جدا بالنسبالي هل فعلا فى مكان ممكن يكون امن؟ هل اقدر اكون فيه على طبيعتي؟ لوحدى؟ طب اقدر اعزم حد؟ طب اقدرمنه اطرد حد؟ ) اللحظة دي انفصلت تماما عن زمايلي و عن القاعة و نفسي و عن كل الافكار اللي كانت فى دماغي من اول اليوم الاسئلة اللى كانت بتدور جوايا عن الورشة و النشاطات اللي فيها هل هقدر افهم؟ هل هعرف افصل بين شغلي و بين مشاركتي فيها؟ هل انا كفء ليها من الاصل؟ ايه اللي هتعلمه و الناس دي بتقول ايه اصلا؟ هل هيتقبلوني؟ اسئلة كتيرة و سخيفة و عرفت بعدين ان ملهاش اى معنى غير انها توترني و تشتت تفكيري عن الهدف اللاساسي اللي انا جاية هنا مخصوص علشانه و اللي لو كان ده مش قدرى مكنتش هوصل ليه من الاساس ...
 قفلت عيني و فصلت نفسي و ركزت اقصد وصلت...





عينيا بتشوف بهدوء شديد ضوء شمسي خافت فى السما بيغطيه اغصان شجر كتير و كثيف جدا بتحجب اشعة الشمس بلطف من انها تزعج عيني, من مكاني ده اقدر اقول انى مستلقية على ضهرى على الارض و مرتاحة, بفتح عيوني بشويش زي الطفلة اللى عندها فضول تشوف الدنيا بعد نوم و ثبات طويل و لكن بحذر و حرص و جايز شوية خوف. اغصان الشجر بتتحرك اكتر و اسرع و ضوء الشمس بشوفه بوضوح اكتر يمكن السبب نسمة الهوا اللى عدت؟ ايوا انا حسيت بيها نسمة هوا ساقعة لطيفة قشعرت جسمي بلطف عدت عليا بهوا منعش خلاني افوق و انتعش شوية نسمة هوا شايلة روايح من الجنة خليط من المانجو و الليمون و البرتقال و هى معدية قطفت روايح الورد و العشب الاخضر و الندى اخدت نفس عميق و استمعت بكل الروايح دي و السمفونية الهادية اللي عزفتها جوه صدرى كان كل عطر و كل ريحة منهم الة موسيقية بتعزف مرة منفردة و مرة فى مجموعات منسجمين متدربين من غير نشاز
السيمفونية دى كملت بصوت الشجر و هو بيوشوش بعضه بيحكوا عن اللي حصل دلوقتي بيرحب بوجودى فى المكان الامن بيحكيلي عنهم و انهم كانوا مستنيني من زمان و ان المكان بيجهز كل يوم علشان اجى اهرب فيه شوية و يتونس بيا و اتونس بيهم علشان اغسل فيه كل حاجة واجعاني و الماني علشان اغير فيه توب القلق و التوتر و الحزن و الاجهاد و البس توب جديد ابيض واسع ناعم طويل اوى توب حر.
سمعت من بعيد اصوات مكنتش عارفة اميزها فى الاول ... ابتديت اقوم براحة الف فى المكان و اكتشفه
سمعت اصوات حيوانات بتغني و بتتكلم و بتنادي علي بعضها صوت عصافير فى الاول بيعلي مع كل هزة ريح للشجر صوتها بيحاول يغطي علي وشوشة الشجر لبعضه صوت قرود بتضحك بصوت عالي محبب جدا صوت افيال بتطلق نفير يمكن احتفالا بوجودى , بلف لفة صغيرة حوالين نفسي و بضحك
لما دخلت شوية جوه المكان اكتشفت انه غابة ... غابة استوائية كبيرة او يمكن غابة فى جزيرة؟ مش عارفة
تعمقت اكتر و استبينت ملامح المكان اكتر و اكتر شفت كل الالوان اللى ممكن تخطر عل بال شفت درجات الاخضر من الداكن اوى للفاتح جدا للمائل للاصفر شفت الاصفر و البرتقالي شفته فى الورد و الفاكهه و الطيور شفت البني و الرمادي فى جذوع الشجر الضخم العالي شجر قديم عتيق جذوعه متينة و جذوره فى الارض على مرمى الشوف شجر قوي شامخ حنون بيضلل على كل اللي فى المكان.





بكمل مشي بسمع اصوات تانية مختلفة صوت ضحكات صغيرة متقطعة سريعة زي ما تكون بتجري بتنهج بجرى بسرعة علشان اشوفها بيطلعلي اطفال صغيرة فى منتهي البراءة و الجمال اطفال شديدة الحسن . بيجروا عليا و يحضنوني حضن دافي طويل بيشدوني العب معاهم بجرى و العب و اتنطط و صوت ضحكنا بيعلى و بيعلى بيحاول يغطي علي صوت الشجر و هو بيتوشوش و بيحكي لبعضه عن المشهد , صوت مياه بتجرى من بعيد بمشي وراه علشان اشرب ... عطشانة


بس قبل ما امشي بوست الاطفال اودعهم وداع ناعم ممتزج بحزن و تقل خايفة من الفراق يا ترى هشوفهم تاني؟ يا ترى حبوني زي ما حبيتهم؟ ضربات قلبي بتزيد و صوت دقاتها بيعلى و بينضم للسيمفونية اللي موقفتش و لا للحظة فى الخلفية. ببوس الاطفال و بوعدهم انى راجعالهم تاني قريب.
جدول مياه شفافة نازل من فوق بدوقها مياه عذبة جدا و حلوة جدا جدا بشرب منها لحد ما ارتويت و اغتسلت بيها و كانى بغسل بيها كل تقل كان على دماغي و اكتافي و كان المياه بتحررنى من قيود و حبال كنت رابطة نفسي بيها حبال وهمية ملهاش وجود ...
من بعيد فى كوخ هناك فوق هناك فوق شجرة ضخمة جدا حواليها باقي الاشجار و النخل اصغر بكتير بمشي بهدوء لهناك ده بيتي؟ كوخ حيطانه من جذوع الشجر و سقفه من سعف النخل و ارضيته بلاط موزايك لونه ازرق فاقع لون عمق البحر متعلق على الحيطان براويز خشب مدهونة ابيض بس البراويز فاضية !!
الكوخ بتاعي عالي اوى و واسع و كبير ليه تراس بدرابزين خشب معوج بيطل عل محيط صوت الامواج بتضرب الرمل على الشط ... لا مش بتضرب ... بتداعب بتزغزغ بتلاغيها علشان تضحك . يضحك الرمل و تضحك الموج و ابتسم انا.
واقفة فوق فى التراس فى الكوخ بتاعي بتفرج ... الهوا لطيف ريحته يود و عشب و فاكهة اغلبها من الموالح نخل طويل عالي عل شط بالوانه الاخضر و البني و حبات ال coconut  ... واللي من ريحتها و شكلها اقدر اقول ان طعمها حلو جدا, واقفة بتابع المحيط و هو بيكر و يفر من الرمل الاغصان و هى بتتوشوش ريحة المحيط و الفواكهة      والاهم واقفة لوحدي...
مفيش اطفال بتجرى و بتلعب , وحشوني جدا و عاوزة ارجعلهم , بس الاطفال فى اللحظة دي مش هنا انا بس اللي موجودة لوحدي المكان ده بتاعي انا و بس مش هاخد بالي من حد غير نفسي هستمتع بيه ليا انا الاصوات دي علشاني انا و بس المحيط بيبتسملي لوحدي وانا بردله الابتسامة .
برسم ابتسامة راحة على وشي
برسم ملامح رضا على وشي
بتنفس نفس واعى فى صدرى و بيملا كرشي.
بخرج من جوه جسمى بهدوء و كانى طيف طاير بيتفرج عليا من بره طيف بيراقبني و انا براقب المشهد بتفرج علي نفسي من فوق بشوفني ساكنة هادية مرتاحة , بحس بجسمي بيكلمنى بيقولي برافوعليكي يا مروى الله ينور... بحس بعقلي مرتاح و بيتنفس لاول مرة , بقفل عيني شوية علشان احفظ الصورة دي جوايا و متضيعش مني تاني.
صورة حلوة اوى ... صورة مريحة اوى
بفتح عيني من تاني على شكل جسمى و هو واقف فى التراس ( تراس الكوخ بتاعي فى المكان الامن ) بتفرج علي شكلي و انا هادية و مرتاحة بشوف ابتسامتي بقع فى حبها ... الله !! دي حلوة اوى
شعري بيطير... بني كستنائي مموج فيه خصلات صفرا فاتحة اشعث ثائر مش مترتب بيهرب من مكانه و بيغيره مع كل نسمة هوا بتعدي حواليه حتى جسمي حاسة انى بشوفه لاول مرة شايفاه ممشوق مرتاح متناسق شكله عاجبني اوى مش بكرهه زى الاول بالعكس, جسم انثي جميلة جسم كامل الانوثة متناسق مليان اثارة فى كل ثنية من ثنياتة و منحنياته عليه فستاني الابيض الخفيف الحر فستان يشبه فساتين الملكات فى اساطير الاغريق عليه اكسسوارات من الدهب و تاج على شكل ورق الشجر من الدهب و الفيروز
بطير حوالين جسمي مرتين علشان احفظه احبه اكتر اتواصل معاه اهنيه على جماله و قوته
صوت سحر من بعيد بينادي بيهيئنا للرجوع...
بدخل جوه جسمي من تاني و باخد نفس واعي ترحيبا لرجوعي جواه و احتفاءا لكل لحظه حلوة شفتها و حسيتها و شميت ريحتها بلف بنظرى فى المكان بنظرة امتنان لاستضافته الكريمة ليا و بودعه على ان يكون لنا عدة لقاءات ابدية بلا حدود...
برجع تاني للواقع علي صوت ارشادات الامان و السلامة و لكن المرة دي تختلف.
نرجع بوعينا بهدوء للمكان و نحس بجسمنا نفتح عينيا براحة و اللي وشه فى الضوء يغطي عينيه اللي نايم يقوم لما يحس انه مستعد ابتدى اقوم بهدوء على جنبي و اخر حاجة ارفعها هى راسي و ...
ناخد نفس و نرجع لدايرتنا من تاني.



مروى الجميزي




هناك تعليق واحد: